مختارات شعرية

 

 

الإبتلاء*

إذا بليت فثق بالله وأرضَ بهِ** إن الذي يكشف البلوى هو الله

إذا قضى الله فأستسلم لقدرتهِ** مالمريء حيلةً فيما قضى اللهُ

اليأس يقطع أحياناً بصاحبه** لاتيأسن فنعم القادر اللهُ

والله مالك غير الله من أحد** فحسبك الله في كلٍ لك الله

                            ************                                  

((حديث القمر))

     أتعشق مثلي الرّبى والشجر** فتهدي الضياء لها ياقمر  

أتعشقها أم رثيت لحالي  ** فجئت تشاركني في السهر

أغرك أني مقيم الرحال   ** فسيح الخيال بعيد النظر

نسير ونحسب أنا نقيم   ** وأيامنا كلها في سفر

وتخدعنا بهرجات الحياة ** فنصحو على يومنا المنتظر

أيا بدر عندي أحاديث شتى ** سأنقل منها الأعز الأعز

سأخبر عنها وفيها الوفاء** وفيها الحنان وفيها الظفر

وفيها الأنين وفيها الحنين ** وفيها دموع تحاكي المطر

كأنك تعلم منها الكثير  ** وأنت تحيط ببحر وبر

لقد عشت يابدر دهراًطويلاً ** وعاشرت من أهلنا من غبر

فقل لي بربك أخبارهم ** وحدثّ بها خبراً عن خبر

فأبدى اشتياقاً لهذا الحديث ** وزاد ائتلاقاً يسر النظر

وقال :أتعني الرسول الكريم ** وصاحب هجرته أم عمر

أتعني الرجال أماتوا الضلال ** وأحيوا بهدي الكتاب البشر

أقول وقد شاهدت مقلتاي ** جليل المعاني وأسمى العبر

أولئك من سطروا للعلا ** أجل الصفات وأغلى السير

رسول أبيٌّ كريم الطباع ** وأصحابه حوله كالدرر

تنام المعالي على طرفه  ** وتصحوا على صوته في السحر

شباب الهدى قد بنت أمتي ** عليكم من الأمل المنتظر

صروحا تقاوم عصف الضلال ** وتهزأ بالفسق أنىّ ظهر

فهلاّ جعلتم لبنيانكم  **  أساساً من الحق يأبى الضرر

ومن لاذ بالله في دربه ** كفاه المهيمن من كل شر

يعز على المرء ألا يرى ** شباب الهداية يأبى الخور

ويكره قلبي ذليل الخطى ** فتى بين أترابه محتقر

فتى حطم الكفر أسلافُه ** فحطمه الكفر لما هجر

أبى أن يحكّم إسلامه ** وكان على قمةٍ  فأنحدر

وشر المصائب ياأخوتي ** ذليل وقد كان ملء النظر

وكانت تراقبنا نجمة **  على خد ليل يجوز السحر

وتصغي إلينا وفي صمتها ** عتاب المحل لخل عذر 

فجاءت إليّ تبث الهوى ** وتشكو إليّ خداع القمر

فقلت لها إنما رق لي **  وجمع من فرحتي ما اندثر 

فقالت وفي عينها ومضة ** لثورة حب تذيب الحجر

أتخدعنا ياصريع الأسى  ** وتفضح من أمرنا ما استتر

كفانا الخداع كفانا النفاق ** فإنّا مللنا خداع البشر

شعر:عبدالرحمن العشماوي

****************
(( حوار مع التاريخ))

على وجنة التاريخ مكّنت قبلتي** وقلت له حدث بأخبار أمتي
فأصغى وفي عينيه ثورة أدمع** أثارت دموع الحزن في حوض مقلتي 
أيا أمتي آن الأوان لتسمعي** حديثاً مع التاريخ حرّك لوعتي
حديثاً يشيب الحرف قبل أوانه** إذا ما أذيعت فيه أسباب حسرتي
أجب أيها التاريخ حدث بما مضى** وقل كيف سجلت المعالي بدقة
فقال وفي عينيه ثورة غاضب** تذوب على إصرارها كل ثورة
أأروي لكم أمجادكم؟ وخطاكم** تسير بكم من عثرة نحو عثرة
أنا دفتر المجد الذي تحرقونه** وهل يحرق الأمجاد صاحب حكمة
فهل أنتشي والجرح يغلي به دمي** ويذكي تعاميكم عن الحق آهتي
وهل أنتشي والعار يكتب عنكم ** ويطوي سجلي صفحة إثر صفحةِ
أروم شموخاً ثم أعلم أنكم** دفنتم شموخي في أساي وحسرتي
ألا ياسقا الله الزمان الذي مضى** ومافيه من حقٍ وعدلٍ وعزةٍ
رويداً فقد أيقظت كامن لوعتي ** واخفيت ياتاريخ روعة بسمتي
لقد كنت ارنوا للحديث لعله** يزيل جراح القل ، يدفن شقوتي
حزين ، نعم مالي عن الحزن حيلة** ولووجدت ، مازال حزني بحيلتي
ظننت بأني حين أسمع قصة** لقومي ، سأروي بالمفاخر غلتي
ولكنني أدركت أن الذي به** تزول جراحي ليس إلا عزيمتي
وأيقنت أن الحق أعظم منهج** وأسمى ، وأن الظلم مسلك عثرةِ
صحيح ، فهل زال الأسى عن مكبل** بذكر ليالٍ عبر ماضيه حرة؟
أفق أيها التاريخ نبه رجالنا** فيا رب مرموق له ألف هفوةِ
ويارب سهم لم يصب منك مقتلاً** وهل تقتل الأبطال أسهم خسةِ
أفق أيها التاريخ أدرك حقيقتي** فعن نهج ديني لن تضل مسيرتي
أفق وأنتظر من أمتي وثباتها** فلن تقف الأعداء في وجه وثبتي
فلي من كتاب الله أعظم رائد** ومن سنة العدنان أعظم قدوةٍ
أفق فالفؤاد الحر لايعرف الحنا** ولن تصلح الأيام إلا بسنتي
سفحت دم الأحقاد دون شريعتي** وأعددت للأيام كامل عدتي
تكاد الليالي حين أذكر أمتي** تفر إلى الإصباح من جور آهتي
جراح تهاوت دون قلبي سهامها** وإن آلمت نفسي وهزت قريحتي
وكيف ينال اليأس قلبا موحدا** إلى الله يرنوا مؤمنا كل لحظةٍ
قضية إخوان العقيدة أينما** تكون من الدنيا أساس قضيتي
أخوتنا في الله مهما تباعدت** مسافات أوطاني مثال الأخوة
عليها بنى أسلافنا صرح مجدنا** فكيف هدمنا صرحنا بالتعنت
أفق أيها الغافي على حسراته** فلن تبلغ الآمال إلا بصحوةِ
وقل للعدا مهما يجورون أننا** حملنا إلى الدنيا معالم نهضةِ
وأنّا سنمضي في الطريق الذي مضى** على نهجه أسلافنا سير حكمةِ
وإن تك أوطاني تشتت جمعها** فعمّا قريب سوف تمضي بهمةِ
أيا أمة الإسلام لازلت صامدا** ولازلت رغم الصد والهجر(أمتي)
لك الله ، مازال الزمان مغردا** على قمة الإسلام أعظم قمةِ
بدا فجر إيماني ، وللشمس وثبة** على ظهره تمحوا مآثر ظلمتي
فسيري إلى الصرح الذي قد بنيته** وقولي لأهل الفسق في كل خطوةِ
خذوا كل ماتبغون إلا كرامتي** فموتي لذيذ في سبيل عقيدتي
***
هنا وقف التاريخ يعصف بالأسى** ويهتف مسروراً بعزمي ويقظتي
بني أمتي إن الحياة رخيصة** إذا لم نقم فيها بإحياء شرعةِ
أفيقوا ، فما للذئب ياقوم ذمة** وأكبر عار أن أضيّع ذمتي

للشاعر المسلم: عبد الرحمن العشماوي

وأنتظروا المزيد

الصفحة الرئيسية